قدّم الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي توضيحاً مفصلاً حول الآلية المعتمدة في الفصل 55 من مشروع قانون المالية لسنة 2026 والمتعلقة بالانتفاع بـ سيارة معفاة من الأداءات عبر إحدى ثلاث طرق: هبة من التونسيين بالخارج، المنحة السياحية، أو ترخيص بتبديل عملة من البنك المركزي.
وأكد الشكندالي أن جميع هذه الآليات مستحيلة التطبيق عملياً، بما يجعل الفصل المذكور «غير قابل للتنفيذ» ويحوّله إلى مجرد «وعود لا يمكن تحقيقها».
1. الهبة من التونسيين بالخارج… آلية «غير قانونية تقنياً» وتفتح باب الاحتيال
أوضح الشكندالي أن اعتماد آلية «هبة من تونسي بالخارج» يفترض أن يجد المواطن داخل تونس شخصاً مقيماً في فرنسا أو دولة أخرى يدفع ثمن السيارة بالعملة الصعبة مقابل أن يسترجعها بالدينار داخل تونس.
هذا يعني عملياً:
تبديل عملة صعبة خارج المنظومة البنكية، وهو ما يخالف القوانين المالية.
عدم تسجيل خروج عملة صعبة من البنك المركزي مقابل توريد السيارة، ما يجعل العملية غير محتسبة في التوريد ولا في العجز التجاري.
عدم إمكانية تسجيلها في ميزان الدفوعات لأنها عملية «اقتصاد موازي» لا تمرّ عبر الدولة.
كما أكد الشكندالي أن السيناريو الوحيد لامتلاك العائلة التونسية للسيارة هو أن يشتريها التونسي بالخارج باسمه ويأتي بها بنفسه ثم يبيعها داخل تونس، وهو ما يفتح الباب لـ عمليات احتيال ونصب واسعة.
2. المنحة السياحية… غير كافية ولا يمكن الحصول عليها بسهولة
أشار الخبير إلى أن المنحة السياحية، حتى لو استُعملت، فهي:
ضعيفة جداً ولا تفي إطلاقاً بشراء سيارة.
مشروطة بدخول المواطن إلى بلد أجنبي عبر الحصول على تأشيرة سفر، وهو أمر غير متاح لمعظم العائلات التونسية التي تنطبق عليها شروط السيارة المعفاة.
بالتالي فإن استعمال المنحة السياحية غير واقعي وغير ممكن تطبيقياً.
3. ترخيص تبديل العملة من البنك المركزي… غير وارد في ظل احتياطي نقدي محدود
شدّد الشكندالي على أن إمكانية اللجوء إلى البنك المركزي للحصول على العملة الصعبة مقيّدة بـ:
حجم الموجودات من العملة الأجنبية،
ضرورة الحفاظ على حد أدنى لا يقل عن 90 يوماً من التوريد لحماية توازن المالية الخارجية،
التزامات الدولة بسداد الديون وتوفير المواد الأساسية والأدوية والمواد الأولية.
لذلك، يستحيل على البنك المركزي أن يسمح بخروج عملة صعبة لآلاف العائلات لشراء سيارات، لأن ذلك يهدد الاستقرار النقدي والمالي.
خلص الشكندالي إلى أن الصعوبات التقنية والقانونية والمالية في الآليات الثلاث تجعل تنفيذ الفصل 55 من مشروع قانون المالية لسنة 2026 أمراً مستحيلاً.
وقال بوضوح:«لماذا نعد التونسيين بأشياء لا نستطيع تنفيذها؟ كأننا نبيع لهم الوهم.»
وأكد أن إدراج هذا الفصل في قانون المالية يفتقد للتقييم العلمي والواقعية الاقتصادية، وقد يخلق انتظارات اجتماعية لا يمكن تلبيتها.
