/

الملعب الأولمبي بسوسة.. تفاصيل جديد تكشف عن خفايا الملف




ما انفكّت جماهير النجم الرياضي الساحلي تطالب الجهات القضائية بفتح بحث تحقيقيّ على خلفيّة ما اعتبروه "شبهة فساد لحقت بأشغال توسعة وتهيئة ملعب جوهرة الساحل سوسة".


ولوّح مشجّعو النادي في عدّة مناسبات بالتصعيد عبر الخروج في مسيرات للتعبير عن امتعاضه

م من وضعيّة الملعب التي نغّصت عليهم فرحة اللعب على أرضيّة ميدانهم باحتضان مقابلات دوري أبطال إفريقيا.


ومَردُّ حرمانهم من اللّعب في ديارهم هو عدم تأهيل الملعب واستجابته للمواصفات والمعايير الافريقية والدوليّة المعتمدة للملاعب، فأحْجمت الكاف عن إسنادهم بطاقة الصلوحيّة لاحتضان المقابلات الافريقية.


النيابة العمومية تُعيد موضوع الملعب الأولمبي بسوسة للواجهة


وأعاد قرار النيابة العمومية بالمحكمة الإبتدائية سوسة، موضوع الملعب، للواجهة مجدّدا وذلك بتولّيها الإذن لفرقة الأبحاث العدليّة للحرس الوطني بمباشرة الأبحاث في شبهة فساد تشوب أشغال توسعة وتهيئة الملعب.


وسبق أن أفاد الناطق الرسمي باسم المحكمة وسام الشريف لموزابيك بأنّ منطلق البحث توفّر معلومات حول شبهات فساد نجم عنها إخلالات جسيمة بالأشغال، وأيضا نتيجة تقرير صادر عن الكنفدرالية الافريقية لكرة القدم الذي اعتبر أنّ ملعب سوسة غير مؤهل لاستقبال المباريات الإفريقية بسبب عدم مطابقته للمواصفات الدولية والافريقية.


التسلسل الزمني لانطلاق الدراسة والأشغال


بدأت الأصوات تتعالى، وتطالب بتوسعة الملعب الأولمبي بسوسة عام 2007 مباشرة عقب فوز ممثّل الأندية التونسيّة النجم الساحلي برابطة الأبطال ومشاركته في كأس العالم للأندية.


وتفاعلا مع المطالب الجماهريّة العريضة بإعادة تأهيل الملعب والترفيع في طاقة استيعابه ضبطت بلدية سوسة برنامجا أوليا وظيفيا لتأهيل الملعب بالتنسيق مع السلطة الجهوية عام 2009، وأعلنت عن مناظرة على مستوى جهوي لاختيار مكتب دراسات فاز فيها المجمّع الذي أنجز دراسة التوسعة.


بيد أنّ وزارة الشباب والرياضة سارعت بمراسلة البلدية والسلط الجهوية لإيقاف إسناد المناظرة باعتبار أن المشروع من المشاريع الوطنيّة من صنف أ و يؤدي خدمة للمصلحة الوطنية العامّة.


واعتمدت الوزارة البرنامج الوظيفي ذاته التي ضبطته بلدية سوسة مع إدخال بعض الإضافات وأعلنت وزارة التجهيز عن المناظرة باعتبارها صاحبة المنشأة المفوّضة و ظفر بها نفس مكتب مجمّع دراسات بسوسة.


وعلمنا أنّ مجمّع الدراسات تحصّل على المرتبة الرابعة من أصل 5 مقاعد كانت مدرجة بالمناظرة التي شارك فيها مجمعيْ دراسات فقط.


وتمّ إسناد دراسة المشروع إلى المجمّع المذكور من طرف وزارة الشباب والرياضة وانطلق في الإنجاز عام 2009 الى حدود 2013، وخضعت الدراسة لمصادقة اللجنة الداخلية بالإدارة العامّة للبناءات المدنية بوزارة التجهيز والإسكان باعتبارها خبيرة دولة في إنجاز المشاريع الوطنية ويُعْهَدُ إليها عمليّات الرقابة والمتابعة على مستوى الدراسات والأشغال.


وشملت الدراسة توسيع المدارج ورفع طاقة استيعاب المدارج "الشنوة" وإضافة المدارج الشرفية الجانبية من الجهتين اليمنى واليسرى من المنصّة الشرفية وتعلية جزء من السياج الخارجيّ للملعب وإضافة مأوى للسيارات.


وبمقتضى قانون منظّم لمهنة المهندسين المعماريين ومكاتب الدراسات المصاحبة له يتحصل على نسبة مائوية من الكلفة الفعليّة للدراسة والإنجاز تتراوح بين 5 إلى 10 بالمائة.


ويشار إلى أن قيمة طلب العروض بلغت 34 مليار والكلفة النهائية للمشروع في حدود 54 مليار باعتبار بعض الإضافات التي تضمّنها المشروع فضلا عن ارتفاع أسعار المواد الأساسيّة للبناء


وإثر زيارة رئيس الجمهورية السابق المرحوم الباجي قايد سبسي لملعب سوسة في أكتوبر 2017، أذن بتخصيص الاعتمادات اللازمة لانطلاق الأشغال، وعام 2019 أسندت وزارة التجهيز والإسكان الصفقة لشركة مقاولات شرعت في تنفيذ الأشغال خلال شهر جوان من العام نفسه ودام الإنجاز حوالي ثلاث سنوات.


بعد استكمال الأشغال استلمت وزارة التجهيز بمعيّة بلدية سوسة المشروع في مرحلة القبول الوقتي بتاريخ جويلية 2022.


إخلالات في التصميم تثير موجة من الانتقادات


ومع أوّل مباراة يحتضنها المستطيل الأخضر في إطار مرحلة البلاي أوف المحترفة، شهد ملعب سوسة إقبالا جماهيريّا فاق التوقّعات، بعد فترة غلق لنحو 3 سنوات اضطرّ فيها الفريق للعب في ملاعب بوعلي الحوار ومصطفى بن جنّات، تمّ التفطّن إلى اخلالات في بعض النقاط بالملعب لعلّ أبرزها التصميم بعد أن استحالت الرؤية لأكثر من 2500 متفرّجا.


وانْهالَ سَيْلٌ من الانتقادات من طرف الجماهير تعبيرا عن خيبة أملهم في ما وصفوه "بالإنجاز المشوّه" بسبب حجب الرؤية جرّاء كثرة الحواجز الحديديّة.


المهندس المعماري: أنا سعيد بفتح بحث تحقيقي


عبّر المهندس المعماري الذي أنجز دراسة توسعة الملعب الأولمبي بسوسة في تصريح مقتضب لموزاييك، عن سعادته بفتح بحث تحقيقي في الموضوع لتتوضّح الحقيقة كاملة خصوصا بعد كيْل الاتهامات التي وجّهت له وفق تعبيره.


ورفض الخوض في تفاصيل إنجاز دراسة المشروع بما أنّ الموضوع أصبح محلّ نظر قضائي.


وبالرجوع لمقطع فيديو نشره المهندس المعماري على منصّة يوتيوب قبل حوالي 9 أشهر، لرفع اللُبْس والغموض، قال فيه إنّ مشاكل زاوية الرؤية في بعض المواقع بالمدارس. هي نتاج لعدم تشكيل لجان تنظيم وعدم تطبيق مخطّط الإشارات رغم أهميّته كما تخلّفت بلدية سوسة عن القيام بالتشوير للمدارج لضمان حسن التنظيم وفق قوله.


وبخصوص احتلال الحواجز الحديدية للمنشأة ، قال إن لجنة متكونة من جميع الأطراف المتداخلة اجتمعت بمقر بلدية سوسة للتباحث حول كيفية تحسين مجال الرؤية ووقع تمكين مكتب دراسات مختّص للنظر في هذه المسألة، مضيفا أنّه تمّ إنجاز دراسة تكميليّة بالتنسيق مع مكاتب دراسات وبلديّة سوسة وأعضاء النجم الساحلي ووقع المصادقة عليها في انتظار قرار مكتب المراقبة.


وفي ما يتعلّق بمنصّة الصحفيين، أوضح أنّ هذا المكوّن الجديد جاء إثر قرار وزارة الشباب والرياضة في فيفري 2021 بإحداث مدارج للصحفيين تتّسع ل 150 كرسيّأ وقاعة مؤتمرات على مساحة مائتي متر مربّع بُغْية تيسير عمل الصحفيين ويندرج هذا المكوّن في إطار القسط الثالث من المشروع.


أمّا عمليّة التعشيب فأوضح في الفيديو ذاته أنّها لم تكن مبرمجة ضمن الصفقة لكن بحكم تضرّر العشب نتيجة الأشغال تدخلت بلديّة سوسة لإعادة تعشيب الملعب بإمكانياتها الخّاصة فلاحظ المهندس المستشار في الهياكل أنّ التربة تحتوي على كميّة عالية من الطين وفق تعبيره.


فقرّرت البلدية إزالة حوالي 10 صم من سمك التربة غير أنّ هذا التدخل تسبّب في غلق المصفاة drainage التي تساهم في الحدّ من تراكم مياه الأمطار.


ويشار إلى تكلفة إعادة التعشيب قدّرت بين 150 و 200 ألف دينار.


مدير المشروع: أنجزنا كلّ ما تضمّنته الصفقة وفي الآجال المحدّدة وهذه نقائص الملعب


من جهته أفاد المهندس العام رياض بوغطاس رئيس المشروع المكلّف بمتابعة أشغال الملعب الأولمبي بسوسة بأنّ المشروع أُنْجِز بجميع المكوّنات التي تضمّنتها الصفقة من أمثلة تم المصادقة عليها من طرف كافّة المتداخلين ومن تجهيزات وتوسعة مدارج الشنوة وفي الآجال المضبوطة، مبيّنا أنّ مهام وزارة التجهيز تكمن في مراقبة الأشغال ومتابعة الدراسات علاوة عن التنسيق بين جميع الأطراف المتداخلة.


واعتبر أنّ المشكل الحقيقيّ لملعب سوسة هو افتقاره للإنارة والسبّورة اللّامعة والكراسي في حدود 31 ألف كرسيّا مضيفا أنّ وزارة التجهيز أطلقت طلب عروض فيما يخصّ الكراسي بطلب من وزارة الشباب والرياضة لكن لم تسجّل إلاّ مشاركة وحيدة من قبل مقاولات اتّضح أنّها لا تستجيب فنيّا لطلب العروض .


ومن المنتظر أن تعلن وزارة التجهيز والإسكان عن طلب عروض جديد.


وأكّد بوغطاس انطلاق الأشغال المتعلّقة بالإنارة والسبّورة اللامعة يوم 27 نوفمبر على أن تستغرق مدّة ثماني أشهر بتكلفة جمليّة بنحو 8 مليون دينار و700.


من جانبه، أوضح نوفل بلحاج رحومة مدير البناءات والتجهيز بوزارة الشباب والرياضة أنّ هذا المشروع الرياضيّ تمّ إنجازه بموجب صفقة لم تتضمّن مكوّنات الكراسي و الإنارة والمركز الإعلامي média center.


وتبعا لتقرير الكونفديرالية الإفريقية، قامت وزارة الشباب والرياضة بالتنسيق مع وزارة الماليّة لتوفير الاعتمادات الضرورية لتنفيذ أشغال المكوّنات الإضافيّة ليتطابق الملعب مع المعايير الافريقية والدولية للملاعب.