الإهتمام بالمسألة الجنسية من منظور تاريخي في حد ذاته ذو دلالة مهمة ويعبر على تقدم حضاري واستقرار عقائدي حتى وإن كان يمثل على مستوى الشكل بذخا فكريا ومعرفيا لكن الأهم من كل ذلك هو أننا عند تناول المسألة في بعدها التاريخي فإنه يمكن النظر إليها كمعرف سوسيولوجي وبسيكولوجي وكقيمة تعبر عن مرحلة يمكن أن يستشف منها شبكة من الدلالات تحيلنا لمفاهيم عدة, أي أن البحث تؤيده الوثائق المتوفرة والتي تمثل شاهد حقيقي غير أن تناول المسألة اليوم يجب الاعتراف أنها ليس بالأمر الهين ويصعب جدا أخذ موقف دقيق يمكن أن يكون مرجع موثوق ومعتبر .يوجد الكثير من المداخل للبحث في المسألة وأهمها العمل الاستقصائي الميداني أو شركات سبر الآراء ثم وهذا الباب المتخذ في الورقة التي بين أيادي القارئ هي البحث في الشبكة .يجب الإقرار أن الاستنتاجات التي توصلت إليها لن تكون دقيقة مثلها مثل غيرها بحكم العوامل السياسية والأيديولوجية إلى جانب أن الجسد يعتبر سلعة الصناعة الجنسية أو المادة الأولية وقد يعتب البعض أن السلعنة موقف قاسي جدا لكن اقتصاد السوق والعولمة دأبت على تعليب كل المتاح بما في ذلك العقائد .إذا كان في السابق الحفر حول المسألة ومحاولات تفكيكها تحيلنا بالضرورة للوثائق التاريخية المتوفرة مثل المنتوج الغزير للفقيه جلال الدين السيوطي صاحب الكتاب الشهير الجلالين حتى القاضي القفصي التفاشي وصاحب رائعة الإيضاح والذي يعتبر أول كتاب علمي تخصصي ودقيقي من حيث تناول المسألة كموضوعة طبية حيث عمد بعد الوصف إلى اقتراح حلول وعلاجات لبعض الأمراض المنتشرة في الجهاز التناسلي للرجل أو المرأة وهذا له دلالة مهمة ويدلل على ذوق راقي جدا , غير أنه اليوم انتقلت المسألة من الكتاب إلى الصورة ووجب على المرء أن يقف حائرا ومندهشا ومتسائلا ما هي الغاية من وراء هذه المواقع الإباحية والمجانية لأن النظر للمسألة في الجوانب الربحية يفترض أن تكون بمقابل لكن تلك المواقع المجانية هي ألغام تقض مضجع العائلات التونسية والعربية بحكم أنها تقود حتما بشاب أو شابة نحو الإنحراف على مستوى تشكل الهوية الجنسية وهذا من الخطورة بمكان إذا أخذنا في الاعتبار أن تشكل الهوية الجنسية يبدأ في مرحلة حساسة من العمر. بعد الثورة في تونس ثار الناس على مراقبة المواقع وتحديدا ما كان يعبر عنه بعمار 404 وربما هذا الموقف يفهم في سياق ردة الفعل على سياسة القمع المتبعة من طرف الدكتاتوريات في المطلق لكن هل حان الأوان لمراجعة تلك المواقف ومطالبة الدولة بمراقبة المادة السامة والمسرطنة والغير قابلة للاستهلاك الآدمي السوي ؟ سؤال حقيقي يستحق أكثر من وقفة تأمل .

